حفل توقيع المجموعة القصصية “حذاء بثلاث أرجل” للقاص المغربي عبد الرحيم مؤذن
على الرغم من سقم البدن وأثر السنين، وعلى الرغم من العياء البادي على قسمات وجهه، فقد أبى القاص عبدالرحيم مؤدن إلا أن يتحدى علله في شموخ الفرسان في سفر قاده من القنيطرة إلى مدينة أصيلة في استجابة كريمة منه لدعوة جمعية الإشعاع الأدبي والثقافي بأصيلة بتنسيق مع جمعية أجيال المبادرة بأصيلة وبدعم من المطعم الثقافي الأأندلسي قصد توقيع مجموعته القصصية، حذاء بثلاث أرجل، الصادرة عن دار سعد الوارزازي.
كان كل شيء جاهزا لاستقبال هذه القامة السامقة في سماء الثقافة المغربية المعاصرة يوم السبت 7 جنبر 2013 ابتداء من الساعة الرابعة مساء بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية حيث أعطى منشط اللقاء القاص صخر المهيف إشارة الانطلاقة بكلمة ترحيبية للإطارات المنظمة ألقاها عضو مكتب جمعية الإشعاع الأدبي والثقافي القاص عبد السلام الجباري وهي الكلمة التي نوه فيها بعطاء الرجل ومسيرته الإبداعية والأكاديمية باعتبار سبقه في مجال أدب الرحلة ممارسة وبحثا أكاديميا مشيرا غلى خصال هذا الكاتب الكبير ، على حد قوله، الذي بصم المشهد القصصي المغربي بميسمه الخاص منذ منتصف ستينيات القرن الماضي إلى الآن.
وافتتح الأستاذ محمد باغوري الندوة بورقة أكد فيها على أن الكاتب والمبدع “عبدالرحيم مؤذن قد حرث في أرض الثقافة بأدوات عديدة ،وجرب بذر هذه الأرض ببذور متنوعة يانعة .فأعطت غلاتها الزاهية والمتعددة …إنه صاحب عقل متعدد ووجدان لا يقبل بالقسمة الوحيدة والمنعزلة …إن مدونة أحواله الشخصية تأبى أن تظل أرجلها منتعلة أبد الوقت حذاء وحيدا وبنفس اللون ….أمابخصوص مجموعته “حذاء بثلاث أرجل”، فقد أكد المتدخل على أنها مجموعة لا تنتمي إلى تلك المجاميع التي تهب قراءها المفاتيح مباشرة ،وكيفما اتفق وصادف، هي مجموعة ممتعة تفضل المكوث والانزواء في عوالمها الخاصة، وهي سمة محمودة ،من خلالها يطلعنا ،بل يعلمنا القاص والناقد عبد الرحيم موذن أن الكتابة والإبداع القصصين ينبغي أن يحترما حدوديهما ليقدما الأصيل والجيد في فن القول ،لا أن يظل جنس القصة القصيرة يراوح مكانه في زحمة من الاستسهال والابتذال.
أما الأستاذ محمد كويندي، فقد قدم ورقة عنونها ب : مسار مبدع حافل بالعطاء والإنجازات العلمية والإبداعية، وفيها أشار إلى أنه عندما يستعرض المرء والمهتم والمتتبع للمشهد الثقافي المغربي في المغرب،عمرا من الإنجازات اللافتة للأستاذ عبد الرحيم موذن – أطال الله في عمره، ومتعه بالصحة الجيدة – سيتوصل إلى أنه عمر عميق بما حمله من تجربة حياتية علمية وأكاديمية وأدبية وثقافية، تجربة هي من الأهمية والعمق ما يجعلها تمثل درسا ومثالا ونموذجا لما ينبغي أن يكون عليه الكاتب والمثقف الناجح في كثير من المجالات العلمية والثقافية، مثقف ينبغي عليه أن يملك عقلا منيرا بالفكر والعلم والمعرفة والقدرة على المحاججة والحوار، هذا إلى جانب كونه باحث أكاديمي وجامعي ومبدع في مجال البحث الرحلي، وذلك من خلال إسهاماته العلمية في هذا المجال دراسة وتحقيقا، وهي في مجال الدراسة والابداع، والبحث العلمي، والأدب الموجه للأطفال والفتيان، وكذلك في مجال التأليف المسرحي، عبد الرحيم مؤذن، إنه الواحد المتعدد( حسب تعبير بورخيس)أدب عبد الرحيم موذن عرف مسارات متعددة وممتدة زمنيا منذ ان نشر أول قصة له بجريدة العلم سنة 1966 الي يومنا هذا، وهي القصة المعنونة ب: “خمس ريالات.
كانت لحظة مؤثرة بحق، لما جمد عبد الرحيم مؤدن، طويلا وهو يتهيأ للرد على ما جاء في الورقتين، فعم القاعة صمت رهيب، كان الجمهور يصيخ السمع إلى صمت الرجل وقد طال، ثم أجهش بالبكاء قبل أن يبعد المايكروفون بعنف صاخب وهو الذي ما عهدنا فيه إلا اللطف والوداعة ودماثة الخلق ،ذلك أنه عندما يتحول البكاء إلى جندي يمنع الكلمات من الانتشار في فوضى المكان، يجلس عبد الرحيم القرفصاء داخل الزمن متأملا ذلك الماضي، ويضرب عرض الحائط كل أصوات الدنيا… باتت القاعة تضج حبا، وانفكت عقدة اللسان، فتحدث الرجل بلا رتوشات وبلا مساحيق تجميل عن أعطاب المشهد الثقافي المغربي، تطرق إلى فساد المثقفين الانتهازيين، تطرق إلى ارتماء الكثيرينمنهم في أحضان المخزن، وإلى تهميش الكتاب الحقيقيين الذين أعطوا الشيء الكثير للثقافة المغربية مقابل تكريس الانتهازيين والوصوليين وضعاف النفوس من الانتفاعيين، ثم قرا على الجمهور إحدى قصص أضمومته حذاء بثلاث أرجل.
وتسلم الأستاذ يحيى بلحسن ، الصحافي بإذاعة كاب راديو بطنجة، وصاحب البرنامج الإذاعي حكي لي، تنشيط فقرة القراءات القصصية التي شارك فيها كل من القاصين عبد السلام الجباري ، نادية الأزمي ، زهير الخراز، حسن ليملاحي، مصطفى البعيش، هذا الحفل عرف حضور كتاب من مناطق مختلفة من المغرب ومنهم الناقد محمد يوب و الشاعر إدريس الشعراني، والمبدع محمد الشرقاوي، ليختتم الحفل بتوقيع المجموعة القصصية حيث غادر الجميع قاعة الحسن الثاني للملتقيات الدولية مقتنعين بأنه عندما يبكي الكبار، فإن ثمة شيء متعفن ليس في الدانمارك كما اعتقد شكسبير خطأ، ولكن في مكان قريب جدا منا.