هذا المقال يحتوي على: 230 كلمة.

حجم الخط

remove add

لحظة اعتراف ووفاء بالأديب الراحل عبد الرحيم مؤدن

أعيد نشر هذا النص /الشهادة بمناسبة ذكرى رحيل الكاتب المغربي الكبير عبدالرحيم مؤدن.

إلى روح الفقيد عبد الرحيم موذن

محمد الشايب

هل علي أن أمحو رقم هاتفك ؟! و أودع مواعيدك ، و أقلب الصفحات و أغلق الدفاتر؟!

لا ، لم تصلني تهنئة العيد اليوم منك ، فتخجلني لأنك تكون دائما المبادر ، سأفتقدك إلى الأبد، و أفتقد رسائلك و عتابك و غضبك و غيرتك و توجيهاتك و محبتك ، سأفتقدك سي عبد الرحيم إلى الأبد لأني أخطو الآن في أكبر شوارع القنيطرة متجها إلى بيتك للمشاركة في تشييعك إلى مثواك الأخير .

القنيطرة صامتة و هادئة هذا الصباح ، تبدو غير مبالية بالعيد تماما ، تبدو حزينة يا عبد الرحيم ، كيف لا تحزن و أنت من أمطرتها بالحب الغزير ، و خلدتها في قمم العشق . سبو حزين و القنيطرة حزينة ، و العيد أيضا جاء هذه المرة حزينا ، و الشارع المؤدي إلى بيتك يكتب المراثي ، ويحكي قصصك للعابرين .

و أنا أخطو في شوارعك المفضلة ، و أدوس أيامك الملونة بشتى الألوان ، كانت الصور غزيرة ، تتعدد الأمكنة ، و تختلف الفصول ، و يظل سي عبد الرحيم هو نفسه ، بنفس الصدق و نفس الدربة و نفس العمق و نفس الغيرة .. ، ثائرا عرفتك دائما ، جريئا و منتصرا للحق ألفتك دوما .

تعددت اللقاءات في القنيطرة عشقك الأبدي ، و في مشرع بلقصيري ، و في الدار البيضاء و الرباط و مكناس و مراكش .. ، تعددت اللقاءات و اختلفت ، و ظلت صورتك هي نفسها ، و ظل حضورك هو نفسه .. ، و لما بلغني و بلغ الأصدقاء خبر مرضك ، قصدناك ، و طرقنا بابك ، فتحديت المرض ، و وقفت مرحبا ، فسبقتك الدموع على غير عادتك ، ثم سارعت إلى مسحها بكبرياء الشهامة ، وأخذت تسأل عن اتحاد الكتاب ، و عن جديد الإبداع و المبدعين ، ثم نهضت تغالب المرض و تنادي بإكرام ضيافتنا ، أمضينا وقتا رفقتك اختلطت فيه صور الدموع و الآهات و الضحكات و الكرم .. ، و امتطينا خلاله صهوة الذكريات ، و تواعدنا على اللقاء في موعد قريب .

و فعلا التقينا و كنت بطل لقائنا ، امتلأت القاعة بالأقارب و الأ صدقاء و الزملاء و القراء .. ، و فاحت رائحة الحب من ضفة الكلام و من ضفة الصمت . كانت أمسية رائعة توسطت قلب القنيطرة ، و كنت رغم المرض بشوشا كريما ودودا ، ألقينا في حقك الكلمات ، و التقطنا معك الصور ..، ثم افترقنا ، و كانت آخر جملة سمعتها منك و أنت تستعد لركوب السيارة ” سير را نت معروف …” كنت تخاطب مازحا أحد أصدقائك القدامى ..

ومرت أيام قليلة ، علمت بعدها أنك سافرت من جديد إلى هولندا لإتمام العلاج ، ثم انقطعت الأخبار في غمرة أنباء الحروب و في عز العطلة و الصيف و رمضان إلى أن أيقظني ذات صباح رمضاني هاتف الصديق المبدع المصطفى كليتي ، حيث اندفع صوته الهادئ يقول :” سي عبد الرحيم موذن في ذمة الله “

سلاما أيها الودود

سلاما حين تغيب الشمس ، و حين تعود

ستظل القنيطرة تذكر أنك مررت من هنا مرور الكبار

و أنك نسجت أحلى الحكايات ، و رفرفت رفقة الفراشات ، و غنيت مع الطيور

ستظل تذكر أنك رسمت أجمل الأحلام ، و سرت في الطرق الوعرة ، و تسلقت الجبال

سنظل دوما نذكرك

وداعا سي عبد الرحيم.

*نشرت هذه الشهادة في العلم الثقافي عدد يوم أمس الخميس 11 شتنبر 2014

شارك هذا المقال على:
وداعا
محمد الشايب

كتب 1 مساهمة في هذه المدونة.

حول الكاتب :

الكاتب محمد الشايب قاص وفاعل جمعوي من مواليد مشرع بلقصيري، عضو اتحاد كتاب المغرب عضو جمعية النجم الأحمر للتربية والثقافة والرياضة والتنمية الاجتماعية، عضو هيئة تحرير مجلة “الصقيلة في النقد والإبداع”، عضو لجنة القراءة بـ”الراصد الوطني للنشر والقراءة”، عضو مؤسس لنادي القصة القصيرة بالمغرب. نشر نصوصه القصصية في العديد من المجلات والجرائد الوطنية والعربية، كما شارك في مجموعة من المهرجانات والتظاهرات الأدبية الوطنية والعربية. صدر له في القصة: “دخان الرماد” (2000)، “توازيات” (2005)، “هيهات” (2011)، “الشوارع” (2016)، “كماءٍ قليل” (2022).

علق على هذا المقال :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*account_box
*email
*comment_bank
You may use these HTML tags and attributes: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>