الذاكرة رقم 87 : 2015/10/21
لحسن حمامة هرم الفنانين بالمدينة
لحسن حمامة من مواليد سنة 1948 بمدينة فاس ، تابع دراسته الابتدائية والثانوية والجامعية بفاس ، حاصل على الإجازة في الأدب العربي من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ، حاصل على الكفاءة التربوية العليا من المدرسة العليا للأساتذة بفاس ، أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي بثانوية موسى بن نصير بالخميسات من سنة 1971 إلى 1995، حارس عام للخارجية بثانوية الفتح التأهيلية إلى أن أحيل على التقاعد .
يتذكر لحسن حمامة لحظة إستقراره بالخميسات في بداية سنة 1971 ويتذكر أول شخصية خميسية يتعرف عليها هو عبد الكريم برشيد ويتذكر وعلى ملامح وجهه فرح التذكر وبهجة السؤال وعفوية الجواب حيث قال أسماء كثيرة عايشتها في هذه الفترة بالإضافة إلى عبد الكريم برشيد هناك المرحوم السويرتي محمد زروال محمد لحسن أوزدو قاسم الشباب شوقي الحمداني ويتذكر إتخراطه في جمعية النهضة الثقافية في بداية السبعينات حيث تحمل مسؤولية كاتب عام الجمعية وكان الرئيس هو بلقاضي محمد يتذكر كيف كانت جمعية النهضة الثقافية تشتغل في تلك الفترة كانت مؤسسة جمعوية كيف كان المكتب يشتغل وطريقة إشتغال اللجان الوظيفية فمن لجنة الندوات إلى لجنة دعم التلاميذ إلى لجنة الرحلات ولجنة الموسيقى ولجنة مختبر التصوير ولجنة الكتاب ولجنة المسرح التي كانت تسمى فرقة الطليعة ويتذكر الدور الكبير الذي لعبه عبد الكريم برشيد من داخل الفرقة المسرحية حيث كان دينامو هذه الفرقة . كما يتذكر لحسن حمامة أنه تحمل مسؤولية رئيس اللجنة الثقافية إلى تاريخ تجميد أنشطة جمعية النهضة الثقافية . وبالموازات مع نشاطه في النهضة فقد عمل إلى جانب مجموعة من الإخوة والأخوات على مغربة النادي السينمائي في بداية التسعينات والذي كانت تسيطر عليه الجالية الفرنسية المقيمة بالمدينة . لحسن حمامة بالإضافة إلى نشاطه الثقافي والمسرحي والسينمائي مارس العمل النقابي سواءا في الإتحاد العام للشغالين بالمغرب وفي إطار الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، كما ساهم إلى جانب العديد من مثقفي المدينة في تأسيس مجموعة من الجمعيات ، وإعترافا بالكاتب لحسن حمامة أقيمت له العديد من حفلات التوقيع لإصداراته سواءا بالخميسات أو خرجها وللقاص لحسن حمامة خمسة مجموعات قصصية وهي :
1: عندما تتكلم الحيطان مطبعة النصر فاس سنة 1984
2: المغارة والضوء مطبعة فضالة المحمدية سنة 1998
3: الطاحونة والنوارس مطبعة فضالة المحمدية سنة 2004
4: زهر اللوزمطبعة فضالة المحمدية سنة 2007
5: حجل وصبارمطبعة طوب بريس الرباط سنة 2013
وبشهادة الجميع فإن لحسن حمامة الأديب والقاص ، إنسان إجتماعي بطبعه وسموح ومجبوب لذى جميع الفنانين بالمدينة ، يساهم معهم ويشاركهم جميع الأنشطة الثقافية والفنية كما تلجئ إليه أصدقائه الفنانين لتقييم أعملهم قبل نشرها .
يتذكر كثيرا علاقاته الحميمية والأدبية مع من غادرنا إلى دار البقاء : المرحوم محمد السويرتي والمرحوم وحدي حسن والمرحوم الراشق محمد .
******************************************************************************************
كلمة الأديب والقاص لحسن حمامة
في حفل تكريمه بتاريخ 04/10/2015
على هامش فعاليات المهرجان السادس للكتاب بالخميسات
===============================
رغم بهاء اللحظة و كرم منظميها، فإني أدعو الحضور الكريم إلى أن يقف وقفة إجلال و ترحم على فقيدين عزيزين – نظرا لنضالهما الثقافي و إشعاعهما الفكري – و هما الناقد الحداثي الدكتور محمد السويرتي، والأستاذ المبدع و الدارس في فن الزجل الأستاذ محمد الراشق، رحمهما الله وأدخلهما فسيح جنانه.
بعد هذه الوقفة الجليلة لا يسعني إلا أن أطلب و بكل محبة من السادة الكرام مسؤولي السلطة والمنتخبين و فعاليات المجتمع المدني أن يحتفوا و يكرموا رموز الثقافة في هذه المدينة و الإقليم، لأنه إقليم زاخر بنخب ثقافية ممتازة في شتى أنواع المعرفة، لأنه لا قومة لقوم إذا لم يهتموا بمثقفيهم،فالإنسان هو صانع الثروة، و الثروة الحقيقية هي بناء الإنسان و تربيته على العلم و العقل والنظر إلى المستقبل، لأن إطالة النظر إلى الخلف تفقد الإنسان بوصلته و توجهه، و تجعله عرضة للسقوط،والإصابة بأمراض فتاكة، منها ما تجعلنا ننظر إلى كياننا بنرجسية مريضة و خبيثة، هذه النرجسية تسهل على جراثيم و ميكروبات الشعوذة و الخرافات و الاتكالية و الخنوع أن تخترق العقل و تحجب عنه رؤى المستقبل و التقدم و التفاعل و الدمج و اللحاق بالركب الحضاري للإنسانية المعاصرة.
حبيباتي أحبائي:
سأعترف أمامكم بكل صدق و أمانة أنه لم يخطر في بالي، منذ أن التحقت بهذه المدينة السعيدة التي أصبحت أمي بالتبني، أنني سأعمل و سأناضل و سأكتب لأكرم بها يوما، بل كنت أعمل و أناضل من أجل الحقائق و الغايات و الأهداف التالية:
أنا أحب الناس البسطاء، و أحب هذا البلد، لأن من مائه و هوائه و خبزه أعيش.
أنا مهموم ببناء إنسان لا سكوني، و أحارب المقولة الرجعية التي تقول: ليس في الإمكان أبدع مما كان.
كنت أعمل في القسم و أثناء المحاضرات و الندوات على استفزاز كل من يحمل قيما ماضوية تقف سدا منيعا في تقدم هذا البلد و تحضره.
كنت أهتم أيضا ببناء وعي جديد لدى تلاميذي و أصدقائي، و ذلك عن طريق نشر الفكر الاشتراكي و التعريف بالمدارس الفكرية و الأدبية الحديثة و الدعوة إلى القيم الإنسانية العالمية، أو ما بات يعرف اليوم بحقوق الإنسان.
أعزائي عزيزاتي
هناك في البرامج الدراسية ما كان يقزم نفسية التلميذ و يشحنه بالكوابيس و يجعله يعيش مع الأشباح.
فمثلا كنا ملزمين بتدريس درس عن الميت و كيفية غسله و دفنه. و نحن ندرس تلاميذ و تلميذات كالزهور.
كنت أتهرب عادة من مثل هذه الدروس بطريقة ملتوية: أضع العنوان على السبورة – لكي لايفاجئني المفتش – و أفتح لتلاميذ القسم نافذة جديدة يدخل منها هواء جديد من الأفكار النيرة الموجودة في نصوص غير موجودة في المقرر لبعض علماء المسلمين كالشيخ محمد عبده و قاسم أمين وخصوصا عبد الرحمان الكواكبي، ثم بعد ذلك أشرع وعيهم على ما يمور حولهم من إيديولوجيات و أفكار، تساعدهم على فهم واقعهم، و ما يحيط بهم.
لكن مع الأسف الشديد ما زال في برامج التعليم الكثير من الأفكار التي ترسخ في كيان التلميذ السكون و البلادة الفكرية، و كل ما يحجب نور العقل لديه، لأن هذه البرامج تعتمد على التلقين و الحفظ، و بذلك يحرم من طرح الأسئلة و من إبراز شخصيته و إظهار مواهبه في الكشف والمناقشة،وعدم إعطائه الفرصة في المغامرة الفكرية، لأننا دائما نتصور التلميذ قاصرا، وألا حق له في مناقشة ما يعرفه و يؤمن به الكبار. و من أكبر الكبائر في برامج التعليم هو البون الشاسع بين ما يقرأ و ما يمور في الواقع و المحيط.
أحبائي حبيباتي
سأحكي لكم عما قمنا به مع مثقفين شرفاء في النادي السينمائي.
كان المكتب المسير لذاك النادي يتكون من أساتذة فرنسيين، و بعض المغاربة للديكور، وكانت اللغة المسيطرة و السائدة هي اللغة الفرنسية، و كل من يتكلم اللغة العربية كان ينظر إليه نظرة نمطية، فهو فقيه يعرف سنن الوضوء و غسل الميت و النحو و العروض…أما الفنون الحديثة فهي بريئة منه.
ناضلنا كثيرا حتى أزلنا هذه النظرة النمطية و فرضنا اللغة العربية في المناقشات، و أخيرا أصبح النادي السينمائي مغربي مائة في المائة.
ذات يوم في مناقشة فيلم ما أخذت الكلمة و تكلمت بالعربية و لاحظت أن هناك لقطة سينمائية في الفيلم أخذت لطفل أسود من الأعلى مع إضاءة خافتة أظهرته حقيرا و كريها و نفرتنا منه، بينما هناك لقطة أخرى أخذت لطفل أبيض من الأسفل و بإضاءة كافية و في وضعية مريحة فأبرزت مظاهر براءته و سعادته و حببته للمشاهد. علقت على اللقطتين بأن المخرج عنصري. بعد أن ترجم كلامي نظرا إلي أستاذ فرنسي كان اسمه Dushon باستهزاء فاضح مشوب بمسحة من الاحتقار، وقال للمترجم هل فهم الفيلم أولا ؟ تأويل مغلوط لا أساس له من الصحة.
عزيزاتي أعزائي
بعد أن رويت لكم هذه الحادثة التي انحفرت في وجداني، سأترك الفرصة – بعد إذنكم – لراوي قصصي في أن يبعث بين السطور و الحروف ليحكي لكم، لأن الكتابة شهادة و توثيق، شهادة لا تقبل الزيف، و لا التحريف، و لا المحو لأنها ممهورة بالعواطف و المشاعر من أحزان و مسرات ومنسوجة بسدى الخيال و لحمة الفكر.
اللوحة الأولى: عنونتها – الكاتب و المدينة – النص مأخوذ من قصة ” الفتنة ” عن المجموعة القصصية ” الطاحونة و النوارس” .
– مد له مدير المدرسة العليا للأساتذة قرار تعيينه: مسحته عيناه بسرعة، توقفتا مليا عند اسم الخميسات، الخميسات بالنسبة له مدينة تكاد تكون مجهولة، تساءل مع نفسه: كيف سيحب ناسها، تلاميذها، عمرانها، هواءها، أشجارها، تربتها ؟
أما فاس فمنقوشة في كيانه…كيف سيفارق وجوده ؟ أيمكن لمدينة الخميسات أن تعوضه هذا الفقد وهذا الفطام ؟
عندما وصلت الحافلة إلى منخفض وادي بهت، بدأت أسمع دقات حوافر خيل نابعة من صدري: تملكني شعور غريب كمن يقبل على امتحان شفوي …صوت قوي ينادي، إنزل. هذه هي الخميسات، محطتنا النهائية.
تنفست بعمق. حاولت أن أعب أكبر كمية من هواء المدينة لعله يسعفني، خلاياي بدأت تنتعش، جذبت مرة أخرى نفسا أعمق، دبيب حياة سرى في أصابعي، حاولت الوقوف. وقفت، أمسكت بالمحفظة وخطوت، ارتياح لفني. من درج الحافلة وضعت قدمي اليسرى فوق الأرض، شعرت بانسجامها مع التربة، ليس هناك رفض لها. أحسست و كأن يدا رحيمة تحضنها. و بدفء ناعم يتسلل عبر مسامها، أسرعت بوضع القدم الأخرى. الفرحة أنارت أعماقي، مخاوفي و قلقي و شكوكي بدأت تتلاشى….
الخميسات فتحت ذراعيها و احتضنتني، محبتها سكنتني، عطفها كساني، بادلتها حبا بحب، كنت أخاف عليها من الغربان و اللئام و الذئاب، خضت صراعات دفاعا على ألقها و بهائها…
مع مرور الوقت بدأت الوشائج الروحية تزداد متانة و قوة بيني و بين أمي، عندما تحزن أوتفرح كانت تنتابني نفس المشاعر و الأحاسيس، لذلك كنت فخورا و معتزا بكوني أحظى بحضنين وحب أمين: الأولى ربتني و علمتني، و الثانية شكلت رؤيتي للناس و الحياة و الكون.
اللوحة الثانية: عنونتها – بزمن البحث عن الرواء و النور- النص مأخوذ من قصة “الاحتراق ” عن المجموعة القصصية ” عندما تتكلم الحيطان “.
– ” في حجرة رقم 15 شاهدته في مستشفى المجانين على وجهه آثار أنياب و مخالب قدماه لايستطيع أن يقف عليهما، العصا و التيار الكهربائي، الابتسامة دائمة على وجهه، نداؤه للحبيبة لم ينقطع، يداه ما زالتا تلوحان لها و كأنه يراها، الحبيبة التي عيناها شراع و بحر و مركب…
-من أقصوصة ” المخاض ” عن نفس المجموعة : يقول القاضي :
” جريمتك كما في المحضر أنك حقود و معاند، تفتح عينيك كثيرا، و تكثر من الأسئلة، باختصار إنك نبتة غير طبيعية “.
– من أقصوصة ” الشبح ” عن نفس المجموعة :
” تذكر حكايات جدته عن العفاريت التي تسكن بدن الإنسان و تلوث روحه: عفاريت مسلمة مؤمنة، و عفاريت نصرانية كافرة، و ويل لمن سكن بدنه عفريت نصراني كافر…لحظتها ضحك من الأعماق لأن الضابط الذي كان يسكن بدنه أخبث بكثير من عفاريت جدته.”
اللوحة الثالثة: عنونتها ـ البناء ـ النصوص مأخوذة من تغريدات موجودة على حائطي الفيسبوكي
الومضة الأولى:
من يتقن شم أريج مدينة الخميسات، و يشارك ناسها الطيبين بعفوية غير مصطنعة، يصبح لها عاشقا و معشوقا، أكاد ألومها أحيانا – لطبيعتها كأم رؤوم طيبة – لأنها تغفر للمفسدين فيها .
الومضة الثانية:
أنا في حضن عروس سوس و فاتنة من فاتنات العالم، مبهور بجمالها و غنجها و دلالها، تغمرني بظلالها و دفئها و بالمدى اللامتناهي لشاطئها، لكن بين حناياي و دواخلي عرشت فاتنة
لا كالفاتنات و جميلة لا كالجميلات، هي عشقي الأول و الأخير، لتربتها نكهة فريدة و لبسطائها ضحك كابتسام الطفولة، و لمثقفيها و مناضليها الشرفاء مواقف نبيلة في أهم القضايا الوطنية، ولمقاوميها شراسة الأسود.
من أجل هذه الحبيبة و العشيقة، أطلب من السلطات المحلية و الوطنية و من المنتخبين المحليين والجهويين والبرلمانيين و من المجتمع المدني أن يرفعوا عن هذه المدينة الحيف و الظلم والتهميش.
هي حبيبتي و ستبقى حبيبتي و سأدافع عنها ما دمت حيا.وكما قال الشاعرالعالمي ناظم حكمت:
” وجهان لايمكن نسيانهما وجه أمي ووجه مدينتي”
أنا لاأنسى مدينتاي فاس والخميسات .
أحبك، أحبك، أحبك. آ الخميسات
حبيباتي أحبائي أعزائي عزيزاتي
إنه لحب دائم لهذه الفاتنة لهذه العروس الدائمة الحيوية، و إنه لحب موصول بكم و معكم.
أحبكم، أحبكم، أحبكم .
و شكـــــــرا.
لحسن حمامة
الخميسات في 03أكتوبر 2015
شهادة الكاتب المسرحي محمد الشغروشني
في حق الأديب والقاص لحسن حمامة
في حفل تكريمه بتاريخ 04/10/2015
على هامش فعاليات المهرجان السادس للكتاب بالخميسات
أيها السادة الكرام
اسمحوا لي أن أقول لكم بأنني عاجز عن كيفية رفع الشكر إليكم، ولكنني أنثر عليكم وردا محبة واحتراما، لأنكم شرفتموني بحضور هذا العرس الثقافي البهيج، لنكرم جميعا الثقافة المغربية والإبداع المغربي في شخص واحد من المثقفين والمبدعين المغاربة المنتمين لهذه المدينة المعطاء..
واسمحوا لي ثانية بأن أرفع إلى جنابكم سرا وعلنا بأن ما سأحدثكم به اليوم عن المبدع والإنسان والفاعل الجمعوي والثقافي لحسن حمامة هو قطرة من نهر جار من الحب والكرم والسرد والرواية القصصية..فمهما بلغت فصاحتي وإمكانيتي البلاغية، فأنا أعترف أمام سيادتكم بأن العبارات تخونني، عندما أروم اختزال أكثر من ثلاثين سنة من الرفقة المهنية والصداقة الإبداعية والأخوة الإنسانية، بيني وبين الأديب والقاص لحسن حمامة..لذلك ستجدني أركب الصعب حبا وكرامة وأحدثكم بما يلي:
يصعب التفريق من وجهة النظر النقدية والجمالية والحياتية بين لحسن حمامة الإنسان ولحسن حمامة الفنان والقاص والمبدع، لحسن حمامة المخلص لأصدقائه وخلانه في السراء والضراء، ذاك الرجل الذي لايبخل بالنصيحة والقول الجميل، ولا يتردد بإخبارك بعيوبك قبل مزاياك، لحسن حمامة فيض من الحب والكرم المادي والمعنوي للأصدقاء والفقراء والمعوزين وأبناء السبيل، ولا تحسبونني أقول هذا الأمر رياء، بل لي من الدلائل المئات، وإني أخاف من عتابه إن ضربت لكم مثلا عن ذلك وهو كثير .
كم يلزمنا إذا من زاد الوقت لنوفي الرجل حقه، اتسعفنا شهرزاد لنستوفي حق الرواية والقص القصير، كما ارتضاه لحسن حمامة اختيارا لايحيد عنه ولا يرى في غيره بديلا..
إنني أزعم ـ والزعم هنا بمفهومه المعرفي ـ بأن أي دراسة للمنجز القصصي والسردي لأستاذنا لحسن حمامة، ستقف طويلا أمام ظاهرة التناغم والتمازج بين الذاتي والموضوعي حد الحلول الإشراقي، بين لحسن حمامة المبدع ولحسن حمامة الإنسان والأستاذ والنقابي والفاعل الجمعوي،في البدء كان أول كاتب عام لجمعية النهضة الثقافية، والتي كانت مدرسة وجامعة بكل معني الكلمة، تخرج منها الكتاب والفنانون وأصحاب مهن شتى، لازالوا يذكرون أفضالها حتى اليوم؛ من خلالها أحب المدينة والمكان ليعشقها عشق الصوفي المتبتل في محرابها، أليس هو القائل لك ذات صباح خريفي “أالعزيزحرارة المكان هي الإنسان” .
بين بياضات إبداعه القصصي تجد حنو الأب وعبث الطفل وأحلام الشاعر وعقل المجرب وحكمة الخبير ومناصر المهمشين والضعفاء والكاتب الحامل لرؤاه ومواقفه عن صدق وطواعية، من غير ما مطمع في منصب أو حظوة، حيث ظل إخلاصه ولا زال لعوالمه السردية وحيوات أبطاله وآفاقه الجمالية، تلك العوالم بناسها وأحداثها وفضاءاتها تشرب رحيق الواقع وإن كساها لبوس الخيال وأثثها الجمال، ومن تم تتأكد لنا رؤيته الخاصة للفن القصصي، رؤية مؤداها أن الفن إما أن يكون خدوما للواقع مغيرا له أولايكون..
أيها السادة الكرام
لقد تعلمت الكثير من هذا المبدع والإنسان والمثقف، تعلمت منه أن النقد خطاب إبداعي، لايقل إبداعية عن الخطاب الأول أو النص؛ فالنقد الأدبي عنده لايحتاج إلى ترسانة نطرية أو حربية ليصارع النص، بقدر احتياجه لبصيرة نافذة وكاشفة تقرأ بواطن الجمال والرؤى الفكرية والإنسانية الثاوية في روح الإبداع؛ ولذلك أعتبره ـ عن حق ـ من أوائل المبشرين بالنقد العاشق، أو ما أصبح يعرف بالنقد الثقافي الذي يمتص كل المناهج والمقاربات في رؤية واحدة موحدة .
سعيت جهد الإمكان أن أكتفي بالإشارة وأختصر العبارة، وإن كنت أرى بأن الحديث غن أعمال الأستاذ لحسن حمامة يطول ويطول ولا ينتهي..لذا ندعو له بطول العمر ومزيد التألق والإبداع..
أقول لأستاذنا:
كم بعثنا مع النسيم سلاما/// إلى الحبيب الجميل حيث أقاما
وسمعنا الطيور في الروض تشدو/// فبعثنا مع الطيور كلاما
أيها السادة الكرام
لكم مني أفضل التحيات وأزكي السلام
محمد الشغروشني
الخميسات في 4/10/2015