حول المفهوم
بدءا، أتساءل مع المتسائلين: ما الرحلة؟ هل هي مجرد دائرة( بداية ونهاية)، أو أنها منعرج يحول المسار الخطي للحياة؟ حادث في ديمومة الزمن؟ حدث صدفوي عفوي، أو متعمد، طقس، واقعة، قطيعة، فائض خاص للفضول، أو هي، طريقة، من بين طرق كثيرة للتعلم، وسيلة للمتعة، أو، مرة أخرى، علاج للاستشفاء. ؟ “إنها ترويح للعقل، تبعده عن كل جهد، خاصة لدى المثقفين، قد يتحول لديهم إلى حالة مرضية مزمنة1).
الرحلة، بدون شك، هي كل ذلك. لكنها ألا يمكن أن تكون، في الوقت ذاته، الآتي: تشعب، أو تعدد الوسائل المبررة في التعامل مع الفضاء؟ كتب ” جاك مونيي:” جزيرة روبنسون، الحقيقية، الوحيدة، توجد داخل كل واحد منا. إنها امتداد للعقل. هذا كل مافي الأمر”. والرحلة قبل أن تكون واقعا فضائيا، اكتمالا لحركة ملموسة، أو بصمة مرئية لمسار انكتب فوق مساحة العالم، كل رحلة، أليست قبل كل شئ- فكرة، صورة، مشروع، حلم، أو رؤية-، 2 هي بعد روحاني يجعل مما ذكر سابقا مجرد أوجه ثانوية للعقلانية”.
تعكس التساؤلات، أعلاه، ما يحيط بالنص الرحلي، من ملابسات فكرية( أنطولوجية)، جعلته نصا إشكاليا ساهمت، عبره، التساؤلات السابقة في فسح المجال لقضايا عديدة متناسلة في الزمان والمكان.
ويمكن تلمس بعض مظاهر هذه الإ شكالية للنص الرحلي في الآتي:
ز- إنه عصي على التحديد النهائي، أ ي توصيفه بتعاريف قاطعة، أو مفاهيم ثابتة. فالنص الرحلي يمتلك بنية مشدودة إلى مرجعيات عديدة( جغرافية/ تاريخية/ شعرية/ نثرية/أدبية أو غير أدبية/ لسانية. . . ) وخطابات مختلفة تتأرجح بين ” الواقعي” والمتخيل”، بين الأدبي والعلمي، بين السردي والتقريري.
genre fuyant إنه جنس لايكف عن الفرار من رحاب المحددات المختلفة. فهو ملتقى لكل الآجناس، منفتح على كل أنواع الخطاب، لكنه في الوقت ذاته متمرد عليها، مقدس لاستقلاله الذاتي بالرغم من حضوره في معظم الفنون المرئية والمسموعة والمقروءة، فضلا عن فنون القول الأخرى التي اقتربت من الأدب أو ابتعدت عنه قليلا أو كثبرا، بأساليب وطرائق عديدة.
3- وهو نص المفارقة المنسجمة، إن صح التعبير، القائمة على جعله نصا هامشيا، ثانويا، تابعا للنص المعترف به من قبل المؤسسة الأدبية والاجتماعية قصة ومسرحية وشعرا. . وعلى –من ناحية ثانية- جعله نصا مركزيا بحكم حضوره في الخطاب سواء كان أدبيا، أو غير أدبي.
– إنه مجرد نص تابع لنص أكبر genre metoyen 4- حظي- النص الأكبر- باعتراف المؤسسة الأدبية والإجتماعية – والإديولوجية. ومن ثم ‘ فهو مجرد نص هامشي، أو ثانوي.
4- وهونص إشكالي، أخيرا، وليس آخرا، بحكم عدم خضوعه لقوانين محددة في الكتابة والتشكيل. فالرحلة هي ارتحال في الفضاءات والعوالم المادية، والرمزية، بمختلف دلالاتها، إلى الحد الذي أصبحت فيه كل رحلة نسيجة وحدها.
الرحلة ‘ ‘إذن‘ نص ” ديمقراطي”، مرسلا، بحكم تحرره من قوانين الكتابة الصارمة- كما هو الشأن في الأجناس الأخرى-و الضوابط النظرية، والمحددات المنهجية، تتبادل المواقع
بين المرسل – أثناء الكتابة- وبين المرسل والمرسل إليه- أثناء القراءة- الذي أصبح مرسلا، كما كان الرحالة مرسلا إليه، وهو يكتشف المكان. إنه نص ديمقراطي، رسالة أو خطابا، بعد أن تحول إلى تجربة ذاتية جسدت علاقة مميزة بين المكان وبين المرتحل إليه، بالرغم من مرور الرحالين بالمكان ذاته في الماضي والحاضر والمستقبل ( الحج على سبيل المثال). فالذهاب إلى الأماكن المشتركة لاينتج الرحلات المتشابهة.
هذا المقال يحتوي على: 443 كلمة.
الشكل القصصي في القصة المغربية 1