هذا المقال يحتوي على: 167 كلمة.

حجم الخط

remove add

بوشعيب الساوري الكلمة العدد 5 مايو 2007
بعد لقائها الأول الذي استضافت فيه العلامة عبد الهادي التازي، حول كتابه مكة في مائة رحلة ورحلة والذي قدم خلاله الأستاذ عبد الرحيم مودن ورقة أبانت عن أهم مرتكزات الكتاب وخصوصياته وجدته وأهميته بالنسبة للدرس الرحلي
استأنفت الجمعية المغربية للبحث في الرحلة موعدها الشهري(لقاء الشهر) مع الباحثين والمهتمين بالنص الرحلي، وكان الضيف هذه المرة الأستاذ الباحث عبد الرحيم مودن وكتابه الجديد الرحلة في الأدب المغربي (2006) وذلك يوم السبت 5 ماي بقاعة محمد حجي بكلية الآداب بالرباط، وقد ترأست هذا اللقاء الأستاذة مليكة نجيب(باحثة وقاصة /الرباط)، وذلك بحضور عبد الرحيم مودن وعبد الهادي التازي.
وقد ذكرت مليكة نجيب بأن هذا اللقاء يأتي من أجل الوقوف عند التآليف الرحلية ومدى إسهام النقد والدرس الأدبيين بالمغرب في تطوير هذا الشكل التعبيري.. ويشكل مؤلف الرحلة في الأدب، وأيضا المغربي مساهمة نوعية في النقاش الثقافي، وأيضا للمكانة الاعتبارية التي يحظى بها عبد الرحيم مودن كباحث أكاديمي وجامعي ومبدع في مجال البحث الرحلي وذلك من خلال إسهاماته العلمية في هذا المجال دراسة وتحقيقا وإبداعاً، إذ أنتج مجموعة من المؤلفات وهي: في مجال الدراسة: أدبية الرحلة (1997 )،مستويات السرد في الرحلة المغربية(2006)، الرحلة في الأدب المغربي(2006)، وعلى مستوى التحقيق، قام بتحقيق رحلة الغسال إلى انجلترا(2003) والذي حاز على جائزة ابن بطوطة عن مركز ارتياد الآفاق، وفي مجال الإبداع الموجه للفتيان نذكر: سلسلة رحالة عرب، مغامرة ابن بطوطة للفتيان، رحلة ابن بطوطة الجديدة، بالإضافة إلى مشاركته في الكثير من الندوات الوطنية والدولية التي خصصت لموضوع الرحلة.
المداخلة الأولى كانت للباحث أحمد بوغلا (باحث/ كلية الآداب الرباط) وركزت على تقديم رؤية مشهدية، عن طريق العرض الإلكتروني بنظام power-point، لإنتاج عبد الرحيم مؤذن الأدبي والذي عرف مسارات متعددة وممتدة زمنيا. تجلت عبر مستويات تعبيرية وهي: المستوى النقدي وينقسم بدوره إلى إسهامين؛ أول يخص بحوثه في القصة، إذ أصدر الشكل في القصة المغربية (في جزءين)، كما ألف دليلا لهذا النوع السردي نفسه سماه معجم القصة المغربية، وثان له تعلق بحفرياته في أدب الرحلة؛ إذ كتب تباعا: أدبية الرحلة(1997) مستويات السرد في الرحلة المغربية في القرن التاسع عشر(2006) والرحلة في الأدب المغربي (2006) وهو الكتاب المحتفى به، وقد حاول الإجابة، في كل هذه الكتب، على سؤال التشييد في الرحلة، ملاحقا الأدبي المنتشر في مسارها وصفحاتها.
المستوى الإبداعي وهو يجلي بشكل كبير رغبته في تجاوز تلقي النص الأدبي ونقده إلى معاناته ونظمه؛ فأصدر بذلك مجاميع قصصية أبانت عن روح إبداعية قابعة في دواخل الناقد الفاحص. ومن بين هذه النصوص نذكر “أزهار الصمت” و”حذاء بثلاث أرجل”…
مستوى آخر من الكتابة يتقاطع مع المستويين السابقين، ويسترفد منهما، هو أدب الطفل، حيث أنه استفاد من المستوى الأول باستلهام روح النص الرحلي في الكتابة، ومكنه المستوى الثاني من التعبير عن ذلك بصورة جمالية موحية تقترب من النص الرحلي وتبسطه للناشئة دون أن تخرق ثوابته. هكذا كتب “رحلة ابن بطوطة الجديدة” وكذا ” سلسلة الرحلات المغربية والعربية للفتيان” إضافة إلى “السمكة والأميرال” وغيرها كثير…

ومن خلال هذه اللمحة الموجزة، ألمح المتدخل إلى الملاحظات التالية:
1-أن هذه المستويات تعكس تنوعا في الرؤية إلى الكتابة.. وإلى العالم.
2-أنها تمتد زمنيا من سبعينيات القرن الماضي إلى الآن مع آخر إصدار سنة 2006.
3-أن هذه الكتابات لها تعلق بالفضاء المغربي، وهو ما يعني هم تجذير الهوية المغربية الذي يضطلع به عبد الرحيم مودن، وقد تجلى ذلك عموديا على كل المستويات.
بعد ذلك تدخل الباحث إدريس الخضراوي (باحث وناقد) بعنوان “الرحلة في الأدب المغربي من أجل نمذجة جديدة”، وقد انطلقت من الأهمية الكبيرة التي ينطوي عليها المتن الرحلي المتحقق عبر العصور، كما أشار إلى ان هذا التعدد فرض تعددا في المقاربات(تاريخية، جغرافية، ثقافية، أدبية…) وفي هذا السياق يندرج كتاب الرحلة في الأدب المغربي، وهو عبارة عن دراسة ترمي إلى توسيع مفهوم الأدب، عبر استكشاف المكونات السردية والتخييلية التي تعطي المشروعية للتعامل مع الرحلة بوصفها كتابة أدبية. لذلك نجد عبد الرحيم مودن يلح من خلال التحليل النصي، على العناصر التي تقوي انتساب الرحلة إلى الأدب باعتباره خطابا جماليا وثقافيا منغرسا في البنية السوسيوثقافية لمجتمع الرحالة.
كما ركز إدريس الخضراوي على فعل نمذجة الرحلة في الكتاب، من خلال تأكيد عبد الرحيم مودن على وجود وجهتين للرحلة الأولى دينية وتندرج فيها عدة أنواع رحلية(الحجية، الزيارية، الصوفية..) الثانية دنيوية وتضم عدة أنواع رحلية(سفارية، علمية…) مثلما أشار إلى الفروق بين هذه الأنواع، كما ركز على حرص عبد الرحيم على تمييز الرحلة عن بعض الخطابات القريبة منها والتي قد تتداخل معها إذ حرص عبد الرحيم مودن على تمييز الرحلة عن الدليل والاستطلاع وذلك من خلال الهدف وأسلوب الكتابة ومدى حضور الخيال في النص الرحلي.
المداخلة الأخيرة كانت للباحث بوشعيب الساوري (ناقد وباحث/ الدار البيضاء)تحت عنوان: في أدبية النص الرحلي قراءة في الرحلة في الأدب المغربي، والتي انطلقت من كون النص الرحلي ملتقى لعدة مجالات معرفية يبقى الأدب واحدا منها، وعبد الرحيم مودن يدرج داخل الدراسات الأدبية التي تنظر إلى النص الأدبي باعتباره نصا أدبيا ويعنى بالبحث عن خصوصيات هذه الأدبية كما يصوغها المتن الرحلي المتنوع، وإسهاماته تعكس ذلك، سعياً منه إلى تأسيس أدبية للنص الرحلي.
وأكد أن قراءته لن تكون أفقية تتتبع مضامين فصول الكتاب، وإنما ستحاول رصد المشترك والمختلف، التقاطعات والتداخلات والتفاعلات بين مكونات الكتاب وذلك بهدف رصد آليات الاشتغال النقدي عند عبد الرحيم مودن. كما أشار إلى أن الكتاب يتراوح بين التناول العام، الهادف إلى التنظير ورصد تقاطعات المتن الرحلي بوضع اليد على نقط التلاقي بين متنه المتشعب التي تميزه عن غيره من الأجناس مثل بنية السفر، والتناول الخاص الذي ينشغل بقضية يثيرها نص محدد.
وبعد وصفه لمحتوى الكتاب ومكوناته، أشار إلى تعدد المتن الرحلي المدروس، ثم خلص إلى مرتكزات الاشتغال النقدي عند عبد الرحيم مودن في هذا الكتاب، وهي:
أ- التعريف بالمتون الرحلية.
ب- التأسيس النظري: يتجلى في حرص عبد الرحيم مودن على وضع أسس نظرية لمقاربة المتن الرحلي.
ج- تحديد الأنواع: يرتكز تحديد الأنواع والأنماط الرحلية، سواء الأنواع المتداخلة أو المتباعدة، على إوالية المقارنة التي تطلع برصد التباعدات والتقاربات بين النصوص الرحلية.
د- التحليل النصي: يرصد إما قضايا خاصة بالنص الرحلي أو يتقاطع فيها مع نصوص أخرى. وذلك انسجاما مع المنطلقات النظرية، مع اقتناع مضمر وهو أن التحليل النصي هو الذي يساعد على صياغة النظرية. ويقوم التحليل النصي على رصد خصوصيات المتن الرحلي والقضايا التي تثيرها قراءة بعضه.
وأنهى مداخلته بالخلاصة التالية:” إننا أمام كتاب ينحو إلى تأسيس خطاب نظري يسعى القبض على تقاطعات النص الرحلي الممتد عبر قرون من الارتحال والمختلف والمتعدد بحسب وجهات الرحلة وأهدافها، انطلاقا من استنطاق النصوص والتأمل فيها، بغية صياغة أسس أدبية النص الرحلي انطلاقا من إمكاناته الداخلية، بعيدا عن كل تعسف نظري.”
وفي الختام ضربت الجمعية موعدا آخر في الشهر القادم (يونيه2007) مع شعيب حليفي حول كتابه الرحلة في الأدب العربي وسيقدمه إبراهيم الحجري ومليكة نجيب.

المصدر:

شارك هذا المقال على:
عبد الرحيم مودن و...
عبد الرَّحيم مودن وأدبية النص الرِّحلي

كتب 2 مساهمة في هذه المدونة.

حول الكاتب :

بوشعيب الساوري من مواليد سنة 1973 بجماعة امطل إقليم سيدي بنور يقيم بالدار البيضاء حاصل على: 2005: الدكتوراه في الآداب، في اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب الرباط في موضوع الرحلة والنسق بحث في تشكل النص الرحلي رحلة ابن فضلان نموذجا 2000: الإجازة في الفلسفة من كلية الآداب الرباط في موضوع جينيالوجيا السلطة لدى ميشال فوكو 1999: دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الأدب العربي، وحدة السرد العربي، كلية الآداب الرباط 1997: الإجازة في الأدب العربي، كلية الآداب عين الشق، الدار البيضاء

editأكتب له أو تتبعه على:

علق على هذا المقال :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*account_box
*email
*comment_bank
You may use these HTML tags and attributes: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>