هذا المقال يحتوي على: 360 كلمة.

حجم الخط

remove add

قال مشاركون في ندوة (ذاكرة عبد الرحيم المودن)، أمس الأحد بالدار البيضاء، إن هذا الأخير الذي وافته المنية في السنة الماضية “أكاديمي بارع، وكاتب عميق، وناقد حصيف صنع اسمه بعيدا عن جلبة المدن الكبيرة وضوضائها”.

وأضاف المشاركون في الندوة، التي تم تنظيمها في إطار الدورة 21 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، أن عبد الرحيم المودن “اختار لنفسه مسارا مختلفا، وهو المسار الذي كان يستثمر في كل ما يضيف لمدونة الإبداع المغربي نفسا جديدا وألقا إضافيا”.

وفي هذا السياق، قال الأديب إدريس الصغير، صديق عمر الراحل، إن عبد الرحيم المودن، الذي كان يعتبر الثقافة قطب الرحى، كان يؤمن إيمانا عميقا أن لا وطن ولا فن بدون قيم، ولا قيمة للحياة بدون قيم.

واستعرض الصغير مجايلته للمودن في أول فصل دراسي بعد الاستقلال بمدرسة التقدم الحرة بمدينة القنيطرة (1956-1957)، وحصولهما على الشهادة الابتدائية سنة 1960، واطلاعهما على قصص كامل الكيلاني ومحمد سعيد العريان ومحمد عطية الأبراشي بالخصوص .

وأشار إلى كون مدرسة “التقدم” ، التي شيدها الوطنيون، استثنائية بكل المقاييس، إذ كانت تضم معلمين وأساتذة من جنسيات مصرية وعراقية وسورية وأمريكية.

وبعد أن تناول إدريس الصغير السنة الدراسية 1962-1963، التي حصل خلالها وعبد الرحيم المودن على الشهادة الثانوية، ثم نيلهما لشهادة الباكلوريا سنة 1966، وانتقالهما إلى الدراسة بكلية الآداب بفاس.

وتحدث الصغير عن الاهتمام المشترك بمجلات “تراث الإنسانية” و”الأديب” و”الآداب” و”المجلة” التي كان يصدرها الأديب المصري يحيى حقي، وكذا بروايات توفيق الحكيم وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي فنجيب محفوظ في مرحلة لاحقة.

وأشار إدريس الصغير إلى الإعجاب الكبير الذي كان يكنه عبد الرحيم المودن لروايات وليام فولكنر ورواية “الأم” لمكسيم غوركي و”أرخص ليالي” ليوسف إدريس و”أنت منذ اليوم” لتيسير سبول وغيرها من الأعمال الإبداعية الكبيرة.

وذكر بنشرهما معا لنصوصهما القصصية الأولى منذ 1966 بصفحة (أصوات) لناشئة الأدب في جريدة (العلم) قبل أن يتدخل الأديب والصحافي الراحل عبد الجبار السحيمي، لينقل إحدى قصص عبد الرحيم المودن وهي بعنوان “حادثة شرف” إلى (العلم الثقافي).

ورأى إدريس الصغير أن هذا الحدث شكل تحولا في حياة عبد الرحيم المودن القصصية، بالرغم من أن النقد الذي يعتمد على مناهج ورؤى نقدية لم ينتبه لما انتبه إليه عبد الجبار السحيمي بحسه النقدي الرفيع.

وفي 1976 ، أصدر كل من المودن والصغير مجموعة قصصية مشتركة هي “اللعنة والكلمات الزرقاء” وهي الأولى من نوعها على الصعيد الوطني وربما العربي.

وقال إدريس الصغير إن الساحة الثقافية “الصابرة المصابرة”، كما كان يقول عبد الرحيم المودن، تملك من المؤهلات ما يمكنها من فرز الجيد من الرديء، وستبدي قيمة الأديب الراحل وأهميته على المستويين الوطني والعربي.

وجاءت مداخلة الكاتب شعيب حليفي، من جانبه، في ثلاثة مراحل ، هم أولها مرحلة الجيل المؤسس الذي تحمل الكثير من الصدمات، إذ أنه “لو لم يقم بتحديث ثقافتنا المغربية لظللنا نجتر ثقافة مكرورة لا إبداع فيها على كل المستويات”، مضيفا أن هذا الجيل أخرج الثقافة المغربية من جبة الثقافة التقليدية التي كانت سائدة في المشرق.

وأشار إلى أن هذا الجيل، ومن أبرز رواده عبد الرحيم المودن الذي رحل في عز عطائه وحسن المنيعي ومحمد برادة وإبراهيم السولامي، يتحمل مسؤولية تاريخية كبيرة إذ أنه مهد الطريق للدراسة والقراءة والتفكير.

وهمت المرحلة الثانية صفة المثقف العضوي الذي يكتسي في المغرب أهمية استثنائية إذ يتميز برؤية سياسية واضحة، ويسعى لنشر الوعي الثقافي والحفاظ على الهوية وثقافة التنوع من خلال الصحافة باعتبار الكتابة مهمة تنويرية، مذكرا أن المودن كتب في جريدة (العلم) وصحيفة (القدس العربي) منتصرا للقيم الإنسانية النبيلة داخل المجتمع.

أما المرحلة الثالثة فقد همت صفة الناقد والمبدع المجدد والذي يعد من أوائل من أعادوا التفكير في الشكل القصصي، خاصة في الجانب المعجمي والدلالي ليكشف علات عدد من النقاد والمبدعين في نقد أكاديمي رصين وآخر تبسيطي.

وأشار حليفي إلى إبداع عبد الرحيم المودن في القصة القصيرة وكتابته للأطفال والفتيان كتابة تتضمن هوية ثقافية مستلهما من التراث المغربي والعربي، وكذا إلى إبداعه في النص الرحلي وإشرافه على رسائل وأطاريح في هذا الموضوع وتحقيقه إحدى أهم النصوص السفارية المغربية.

وتلا الشاعر محمد بشكار، المشرف على الملحق الثقافي لجريدة (العلم)، ورقة بعنوان “من هذا الباب يدخل عبد الرحيم المودن إلى قلبي”.

وتحدث بشكار عن ملف خصصه الملحق للراحل عبد الرحيم المودن في 11 شتنبر 2014، بمشاركة عدد كبير من محبيه ومجايليه وعارفي فضله ومكانته (إبراهيم السولامي، مصطفى الكليتي، محمد الشايب، فريد امعضشو …).

شارك هذا المقال على:
فريد أمعضشو
كاتب عميق صنع اسمه بعيدا عن جلبة المدن الكبيرة

كتب 3 مساهمة في هذه المدونة.

حول الكاتب :

أستاذ باحث في الأدب العربي الحديث والمعاصر، حامل درجة دكتوراه في الآداب من كلية الآداب التابعة لجامعة محمد الأول بوجدة/ شرق المغرب، وحاصل على شهادة التبريز في اللغة العربية من الرباط عامَ 2007، يشتغل حاليا أستاذا للغة العربية وديدكتيك اللغة العربية في المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق بوجدة، له عدة أعمال وإصدارات في مجالات النقد الأدبي والتربية والقانون والترجمة... وله مشاركات في كثير من الملتقيات والندوات الدولية والعربية والوطنية والمحلية...

editأكتب له أو تتبعه على:

علق على هذا المقال :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*account_box
*email
*comment_bank
You may use these HTML tags and attributes: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>